الكاتب : مجدي بن عيسى

رغم كلّ محاولات الانفلات من سلطة التصنيف الأجناسي في الأدب,تظلّ المسألة الأجناسية مطروحة بقوّة في أعمال النقّاد و الباحثين في الشعريّة,وفي التاريخ الأدبي ,ويظّل عائد المبحث الأجناسي وافرا عليهما معا. ذلك أن الجنس الأدبي بما هو ’’مسكن’’ للكتابة الأدبية, من خلاله يقع تقبّلها ضمن أفاق انتظار واعد بعدد من التوقّعات القرائية,هو ككلّ بيت,محدود بسقف و مساحة, ومحكوم بنظم وقواعد من جهة, ومنذور للهدم و التوسّع والتبدّل من جهة اخرى,لما يتسّم به ساكنه من روح التمرّد وإرادة التجاوز والكفر بالحدود والقيود. وكتابنا هذا لا يدّعي تقديم كلمة فصل في أجناسية الشعر و أشكالها وتبدلاّتها, بقدر ما هو استعراض لغنى الظاهرة, ولتشعّب مسالكها, والوقوف على تنوّع مداخلها وممكنات طرحها وتأويل مخرجاتها. وهو مقصد ليس من اليسير بلوغه, ولا من السهل تبيّن السبل المؤدية إليه,لولا حصيلة منهجية مهمّة, انتهت إليها جهود الإنشائيين من مختلف المشارب و الاتّجاهات الحديثة, اضاءت أمام الباحثين السبيل,فقبسنا منها ما به قطعنا ما تيسّر لنا في درب تأليف هذا الكتاب حول الشعر ومساكنه.